
يوم دراسي حول النظام البرلماني التونسي بين النصوص و التطبيق
بعد مرور خمس سنوات على ارساء الدستور، يتواصل النقاش داخل الطبقة السياسية وبين الخبراء حول مدى وجاهة النظام السياسي الذي اختاره المؤسسون سنة 2014. هذا النظام الذي ما انفك يثير تساؤلات عديدة، يعتبره البعض من الفاعلين السياسيين والملاحظين مسؤولا عن تعقيد المسار وسد سبل اتخاذ القرار.
رغم احتواء مقتضيات و روح الدستور على العناصر الاساسية لنظام برلماني معدل بما في ذلك اقرار مسؤولية الحكومة امام مجلس نواب الشعب من جهة و صلاحية حل هذا الاخير من طرف رئيس الجمهورية من جهة اخرى، تبقى طبيعة هذا النظام محط نقاش بين من يفضل اعتباره نظاما هجينا و من يتشبث بكونه نظام شبه رئاسي.
وفي هذا الاطار، لابد من التذكير بطبيعة النظام السياسي التونسي الجديد حتى نتمكن من قراءة افضل لمكانة البرلمان داخل هذا النظام. هذا التذكير هو امر حتمي و شرط مسبق ضروري لتحليل كيفية عمل مجلس نواب الشعب و مدى فاعلية المسار التشريعي داخل البرلمان. اضافة الى تمكيننا من استخلاص الاصلاحات التي يتعين استكمالها او اقتراحها.
علاوة على هذا النقاش النظري، خلقت الممارسات الدستورية طوال الخمس السنوات الاخيرة موازين قوى جديدة بين السلطتين التنفيذية و التشريعية يمكن ان تستمر لتصبح « طبيعية » خاصة في خضم الديناميكيات السياسية و المؤسساتية الحالية. لذلك من الضروري تقييم موازين القوى السياسية على النحو الذي شكلته الاطراف السياسية الفاعلة والتي قد تميل تارة لخلق عرف و عادات دستورية جديدة و تارة اخرى لتأخير تنفيذ بعض احكام هذا الدستور.
و في هذا الاطار يجدر التساؤل اولا عما اذا سمحت اللعبة السياسية بالحد من السلطة طبقا لمقولة لمونتاسكيو؟ « Le pouvoir arrête le pouvoir »
ثانيا، كيف يمكن تحليل التوازنات بين السلطتين بعد خمس سنوات من ارساء الدستور؟
أخيرا، يبقى نجاح النظام البرلماني التونسي رهين وجود مؤسسة برلمانية مستقلة قادرة على موازاة السلطة التنفيذية و تولي مهامها التشريعية و الرقابية و الديبلوماسية على احسن وجه. اضافة الى ضرورة العمل على تعزيز الاستقلالية الادارية و المالية لمجلس نواب الشعب و اعادة النظر في نظامه الداخلي مع لزوم اصلاح الوظيفة العمومية البرلمانية.
ماهي الاصلاحات التي يجب اتخاذها و ماهي العقبات التي تقف امامها ؟ و اي برلمان نريد من اجل نظام برلماني فعلي حسب منوال تونسي ؟
للإجابة على كل هذه الاشكاليات، نظم المعهد التونسي للمنتخبين بدعم من الصندوق الوطني للديمقراطية يوم الجمعة 29 مارس 2019 يوما دراسيا حول « النظام البرلماني التونسي بين النصوص و التطبيق ».
استهل اليوم الدراسي بمحاضرة افتتحاية قدمها السيد مصطفى بن جعفر، رئيس المجلس الوطني التاسيسي و السيدة النائبة الفة السكري الشريف. وفي حصة اولى تم التعرض الى مسالة النظام البرلماني و التوازن بين السلط بمشاركة السيد احمد الصديق، عضو مجلس النواب و رئيس كتلة الجبهة الشعبية و السيد خالد الدبابي، استاذ و خبير في القانون العام. اما الحصة الثانية فقد تمحورت حول دعم القدرات المؤسساتية لمجلس نواب الشعب و اخذت بالدرس اساسا الاستقلالية الادارية و المالية و النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب و الوظيفة العمومية البرلمانية و ذلك بمشاركة السادة النواب شكيب باني، السيدة كلثوم بدرالدين، السيد حسونة الناصفي و السيدة هالة الحامي.
يتقدم المعهد التونسي للمنتخبين بجزيل الشكر لكل من ساهم في انجاح هذا اليوم الدراسي.